سورة محمد - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (محمد)


        


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (7)}
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} أي إن تنصروا دين الله ينصركم على الكفار. نظيره {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40] وقد تقدم.
وقال قطرب: إن تنصروا نبي الله ينصركم الله، والمعنى واحد. {وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ} أي عند القتال. وقيل على الإسلام. وقيل على الصراط.
وقيل: المراد تثبيت القلوب بالأمن، فيكون تثبيت الاقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب. وقد مضى في {الأنفال} هذا المعنى.
وقال هناك: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12] فأثبت هناك واسطة ونفاها هنا، كقوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11] ثم نفاها بقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} [الروم: 40]. {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ} [الملك: 2] ومثله كثير، فلا فاعل إلا الله وحده.


{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (8)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} يحتمل الرفع على الابتداء، والنصب بما يفسره {فَتَعْساً لَهُمْ} كأنه قال: أتعس الذين كفروا. و{تعسا لهم} نصب على المصدر بسبيل الدعاء، قاله الفراء، مثل سقيا له ورعيا. وهو نقيض لعا له. قال الأعشى:
فالتعس أولى لها من أن أقول لعا ***
وفية عشرة أقوال: الأول- بعدا لهم، قاله ابن عباس وابن جريج.
الثاني- حزنا لهم، قاله السدي.
الثالث- شقاء لهم، قاله ابن زيد.
الرابع- شتما لهم من الله، قاله الحسن.
الخامس- هلاكا لهم، قاله ثعلب.
السادس: خيبة لهم، قاله الضحاك وابن زيد.
السابع- قبحا لهم، حكاه النقاش.
الثامن- رغما لهم، قاله الضحاك أيضا.
التاسع-
شرا لهم، قاله ثعلب أيضا.
العاشر- شقوة لهم، قاله أبو العالية.
وقيل: إن التعس الانحطاط والعثار. قال ابن السكيت: التعس أن يخر على وجهه. والنكس أن يخر على رأسه. قال: والتعس أيضا الهلاك. قال الجوهري: وأصله الكب، وهو ضد الانتعاش. وقد تعس بفتح العين يتعس تعسا، وأتعسه الله. قال مجمع بن هلال:
تقول وقد أفردتها من خليلها *** تعست كما أتعستني يا مجمع
يقال: تعسا لفلان، أي ألزمه الله هلاكا. قال القشيري: وجوز قوم تعس بكسر العين. قلت: ومنه حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض» خرجه البخاري. في بعض طرق هذا الحديث: «تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش» خرجه ابن ماجة. قوله تعالى: {وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} أي أبطلها لأنها كانت في طاعة الشيطان. ودخلت الفاء في قوله: {فَتَعْساً} لأجل الإبهام الذي في {الَّذِينَ}، وجاء {وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} على الخبر حملا على لفظ الذين، لأنه خبر في اللفظ، فدخول الفاء حملا على المعنى، وأضل حملا على اللفظ.


{ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (9)}
أي ذلك الإضلال والاتعاس، لأنهم {كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ} من الكتب والشرائع. {فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ} أي ما لهم من صور الخيرات، كعمارة المسجد وقرى الضيف وأصناف القرب، ولا يقبل الله العمل إلا من مؤمن.
وقيل: أحبط أعمالهم أي عبادة الصنم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8